
يعتبر كارل روجز Carl Rogers رائد العلاج المتمركز حول العميل ، و هو هو يؤكد على العلاقة بين المعالج او الاخصائي النفسي و المريض ، فهو ينظر بوجوب منح المرضى فرصة كافية في التعبير عن انفسهم حتى لو فرضوا سيطرتهم خلال العلاج و قد بلور روجرز افكاره حتى كون نظرية متكاملة عن العلاج النفسي اسماها نظرية العلاج المتمركز حول العميل .
1. معلومات حول العلاج المتمركز حول العميل
تضمنت مسلمة رئيسية اعتبرها الأساس في تفسير السلوك و هي : ” أن الإنسان يولد و لديه دافع فطري للنمو و الإرتقاء بخبرته و إمكاناته و هو القوة الدافعة لحركته و تقدمه في الحياة ، بعد أن يدرك اختباراته في مواقف و أحداث الحياة ، فالإنسان له القدرة على تحقيق حاجاته من خلال خبراته المختلفة ”.
و قد وضع عدة افتراضات حول طبيعة الانسان تتمثل فيما يلي :
- طبيعة الانسان خيرة و فعالة و يضطرب عندما يكون هناك تدخلات من الخارج تحاول تقييمه.
- هناك جانب داخلي للانسان يحاول تحقيق امكانياته الفردية.
- كل السلوكات الانسانية انما هي ناتجة عن هذا الجانب الداخلي التي هي الذات التي تحاول تحقيق الامكانيات.(1)
2. تعريف العلاج المتمركز حول العميل
العلاج المتمركز حول العميل أو الشخص و يسمى ايضا طريقة المقاربة الانسانية، وهي سيكولوجية إنسانية ظهرت في الستينات من القرن الواحد والعشرين في الولايات المتحدة األمريكية وتقع مسؤولية هذا النوع من العلاج النفسي على العميل ذاته، بهدف الوصول به إلى الوعي والبصيرة والفهم لمشاكله، ومن ثم إصدار القرارات.
العلاج المتمركز حول العميل هو نوع من العلاج النفسي طوره كارل روجرز والمعالج بهذه الطريقة لا يوجه بل يتأمل ويشجع العميل على توضيح النقاط ، و يتبنى هذا الاسلوب على أساس أن العميل أفضل من يقدر على معالجة مشكلاته الشخصية ،فالمعالج يوفر مناخا مستقلا لا يتسم بإصدار لاحكام ليتمكن العميل على حل مشكلاته وأحيانا يطلق على هذا النوع من العلاج العلاج غير الموجه.
وتنتمي طريقة العلاج المتمركز حول العميل او على الشخص للمدرسة الظواهرية والمدرسة الانسانية في علم النفس ,وهي تركز على استبصار الفرد بذاته وبالخبرات التي شوهها أو حرفها أو أنكرها في محاولة لادماجها أو التقريب بينهما ( أي بين ذات الفرد و خبراته) مما يعطي الفرصة لنمو الشخصية أو كما يقول روجرز “السيرورة إلى ذات جديدة”.
ويقوم هذا العلاج على مسلمة أن كل شخص لديه حاجة طبيعية لتحقيق ذاته، ولا تشبع الا إذا أدرك العميل تماما إمكانياته ودوافعه وقدراته وتقبل ذاته، وتتلخص هذه المسلمة في مبادئ ثالث هي:
- اعرف نفسك
- كن صادقا مع نفسك
- راقب ذاتك.
فكلما كان الشخص على بصيرة بما يقوم به من تصرفات وعلى إدراك لذاته، كلما أدى ذلك إلى التوافق النفسي والصحة النفسية. ويركز العلاج المتمركز حول الشخص على نوعية العلاقة بين المعالج والعميل والتي تتسم بشروط، ويؤكد روجرز أن منهجه في العالج ليس مجرد طريقة تتحاشى إعطاء النصائح والتوجيهات للمريض، ولكن المعالج يشترك بصورة ديناميكية من خلال الفهم المتعاطف أو المشاركة الوجدانية مع العميل.(2)
3. مفاهيم أساسية العلاج المتمركز حول العميل
على الرغم من وجود الكثير من المفاهيم المتشابهة بين العلاج المتمركز حول الشخص والعلاج الوجودي من حيث احترام العميل والحرية الشخصية وتحمل المسؤولية والوصول إلى المعنى من الحياة، إلا أن هناك بعضا من الاختلاف بين النموذجين يمكن ملاحظته في الكيفية الإجرائية لعملية العلاج.
فبينما العلاج الوجودي يعرض أهمية قصوى للتعامل مع القلق الناتج عن التفكير الذاتي يعطي العلاج المتمركز حول العميل أهمية تكوين الاتجاهات وأنماط السلوك من خلال إنشاء مناخ إيجابي للعلاقة المهنية بين المعالج والعميل. وتشير بعض الدراسات الى أن العلاج المتمركز حول العميل يرتكز على الأطر النظرية الأساسية التالية:
- الإيمان بقيمة الإنسان وأنه يمتلك القدرات والإمكانيات والقدرة على استثمارها من خلال عملية الاستثمار الذاتي.
- عملية الاستثمار الذاتي (وهي القدرة على توظيف الطاقات الكامنة في الوصول إلى التوافق النفسي والاجتماعي)، هي عملية مستمرة مدى الحياة.
- الإنسان يستطيع أن يحقق النمو النفسي والاجتماعي متى ما توفر المناخ الإيجابي الذي يساعده على ذلك.
- الاحترام والتعاطف والعلاقة المهنية هي مقومات العملية العلاجية ومتى ما توفرت أنشأت حالة من الاستقرار تساهم في دفع عملية العلاج نحو تحقيق أهدافه.
- دور الأخصائي الاجتماعي هو دور المساعد وليس الأساسي في العملية العلاجية ويقع على عاتقه توفير الاحترام والتقدير .
- التركيز على الموقف الحالي والآني وما يرتبط به من مشاعر وسلوك يحضرها العميل للعملية العلاجية.
- الوصول إلى معرفة العميل لذاته هو الهدف النهائي للعلاج فإذا ما تحقق ذلك أصبح العميل قادراً على التمتع بالاستقلال في الشخصية والتكامل في وظائفها.
عملية إعادة الاندماج: لكي يحدث التطابق أو يزداد حدوثه، ينبغي أن يحدث نقص في شروط الأهمية ( التقدير أو الاعتبار) وزيادة في الاعتبار غير المشروط للذات، ومن أهم الوسائل التي تحقق ذلك أن تتلقى الفرد اعتبارا إيجابيا غير مشروط من شخص آخر له أهمية (المعالج) في إطار التفهم القائم على المشاركة.
فإذا ما أدرك الفرد هذا الاعتبار فإن ذلك يؤدي إلى تفكيك الشروط الخاصة بالاعتبار التي استدمجها هذا الشخص من قبل، فتزداد نظرته الايجابية لذاته ، بينما ينخفض التهديد ويزداد التطابق بين ذات الفرد وخبرته، ويصبح الفرد عندئذ أقل استهدافا لاستشعار التهديد وأقل دفاعية وأكثر تطابقا ويزداد اعتباره لذاته واعتباره الايجابي للآخرين ويصبح أكثر توافقا من الناحية النفسية وتمثل هذه الظروف والنتائج المترتبة عليها عملية العلاج النفسي المتمركز حول العميل.(2)
4. مسلمات العلاج المتمركز حول العميل
يعتمد العلاج المتمركز حول الشخص على بعض الأفكار النظرية، فقد وضع كارل روجرز 19مسلمة جعل منها فروضا لدراسته وقسمها إلى خمس مجالات وهي:
- المجال الاول : المواجهة بين الفرد وبيئته.
- المجال الثاني : يدور حول سؤال: كيف يدرك الشخص نفسه ؟ أو كيف يشعر بنفسه ؟
- المجال الثالث : يختص بمشكلة التوافق النفسي في مقابل عدم القدرة على التوافق النفسي
- المجال الرابع : يختص بمشكلة الأسباب الكامنة خلف سلوك الإنسان وموقع هذا السلوك .
- المجال الخامس : يدور حول إمكانات العلاج النفسي في تعديل الخبرات وتعديل السلوك بهدف تحقيق الشفاء.
كما حدد كارل روجرز مسلمات وفروض كل مجال من هذه المجالات و هي كالآتي :
فروض المجال الأول ( العلاقة بين الفرد والعالم المحيط به )
1- يوجد كل فرد في عالم من الخبرة دائم التغير بحيث يكون مركز هذا العالم هو الشخص نفسه.
2 – الكائن العضوي يستجيب للمجال في ضوء خبرته وإدراكه ،له ويعتبر المجال المدرك هو الواقع بالنسبة للكائن العضوي.
3 – يستجيب الكائن العضوي للمجال المدرك بوصفه منظومة كلية منسقة .
4- أفضل طريقة لفهم سلوك الكائن العضوي هي فهم الإطار المرجعي الداخلي للفرد ذاته .
فروض المجال الثاني ( ملاحظات الذات )
5- يتمايز جزء من المجال الظاهري ، وينمو بصورة مستمرة مكونا الذات
6- تتكون بنية الذات نتيجة لتفاعل الفرد مع المجال الظاهري ، وبصفة خاصة كنتيجة للإحكام التقويمية لتفاعل الفرد مع الآخرين، فالذات هي مجموعة الصفات المنظمة والمتصلة.
7- الأحكام المرتبطة بالخبرات والأحكام التي تعتبر جزء من بنية الذات يمكن أن تصبح أحكاما يمكن التعرف عليها بصورة مباشرة من الكائن العضوي ، هذه الأحكام يمكن أن تنتقل من الكائن للآخرين مع ملاحظة انه في هذه المحاولة سيصيبها التشويه نتيجة التعامل معها وكان الفرد اكتسبها بنفسه.
8- عندما يحصل الكائن العضوي على خبرات فانه توجد ثلاثة احتمالات
أ – يمكن ترميزها وتنظم علاقته مع الناس.
ب – يتم تجاهلها لأنه لا توجد علاقة بينهما وبين الذات.
ج – تنكر أو يشوه ترميزها لأنها لا تتفق مع الذات.
فروض المجال الثالث ( التوافق في مقابل عدم التوافق)
9 – يحدث التوافق النفسي عندما تكون جميع الخبرات الجسمية والحسية للكائن العضوي على المستوى الترميزي في علاقة متوافقة مع مفهوم الذات.
10- يحدث عدم التوافق النفسي عندما يتنكر الفرد شعوريا للخبرات الجسمية والحسية ويمتنع من ترميزها ويمنعها من الانتظام في بنائه النفسي وعندما يحدث مثل هذا الموقف فانه يكون سببا لحدوث التوتر النفسي.
11- كل خبرة لا تتفق مع الكائن العضوي ولا مع بنية الذات عنده يدركها الفرد على إنها خبرة مهدده ، وكلما حدثت هذه الخبرة كلما أصبحت بنية الذات متصلبة وجامدة وهي تود من وراء ذلك المحافظة على النفس .
12- يوجد في داخل كل فرد اتجاه نحو تحقيق ذاته ونحو تنمية هذه الذات.
فروض المجال الرابع (السلوك وأسبابه)
13- السلوك هو الطريق الوحيد لمحاولة الفرد تحقيق أهدافه في إشباع حاجاته في إطار خبراته السابقة
14- الأساليب السلوكية التي يقبلها الفرد هي في الغالب تلك التي تتفق مع مفهوم الفرد عن ذاته
15- يمكن أن يحدث السلوك في بعض الحالات نتيجة للحاجات البيولوجية والخبرات التي لا يتم ترميزها. ومثل هذا السلوك يكون متعارضا مع بنية الذات، ولكن في هذه الحالة وغيرها من الحالات المشابهة نجد أن سلوك الفرد ليس سلوكه الفعلي.
فروض المجال الخامس (تعديل السلوك )
16- أحسن طريقة لفهم الفرد هي التي تبدأ بفهم الإطار الداخلي للفرد نفسه.
17-تحت شروط خاصة يمكن للفرد أن يختبر بعض الخبرات التي لا تتفق مع بنيته النفسية وهذا يؤدي إلي تعديل بنية الذات حتى يتمكن الفرد من تقبل هذه الخبرات على شرط ألا تسبب له هذه الخبرات أي تهديد لبنيته النفسية.
18-عندما يدرك الفرد عددا أكبر من خبراته البيولوجية ويضعها إلي بنيته الذاتية ويقبلها فانه يلاحظ أن نظامه القيمي الحاضر يتم تشويهه ويتم استبداله بنظام قيمي جديد.
19-عندما يستطيع الفرد أن يدرك جميع خبراته الجسدية والحسية ويضعها في نسق متكامل تكون لديه درجة اكبر من الفهم للآخرين كما انه يسلك مع الآخرين بطريقة فيها تقبل لهم.(2)
5. شروط العلاج المتمركز حول العميل
لقد وضع روجرز ستة شروط أساسية للعلاج، ويرى أنه إذا عمل المرشد على توفيرها فإن فرصة نجاح العلاج ستكون أفضل وتتمثل هذه الشروط فيما يلي:
الاتصال السيكولوجي : Psychological contact
هي علاقة بين شخصين بينهما اتصال للحصول على تأثير أحدهم على الآخر، ولقد استخدم روجرز في بداية وضعه للنظرية مصطلح العلاقة ولكن بعد ذلك استخدم مصطلح الاتصال.
أن يكون المسترشد في وضعية عدم توافق وانسجام مع نفسه وتوتر وقلق، فهذه الحالة هي التي تدفعه إلى التغيير والحصول على الراحة النفسية.
التطابق والأصالة Congruence and Genuineness
يجب أن يكون المرشد في حالة انسجام وتناسق مع ذاته وان يكون قادرا على إيصال هذه المشاعر للمرشد، فيكون أصيلا في انفعالاته ومشاعره، فيظهر ذاته ولا ينكرها لان المسترشد يمكن أن يلاحظ عدم أصالة المرشد، وهذا الاكتشاف يؤدي إلى عدم ثقة المسترشد بالمرشد ، الأمر الذي يحد من فاعلية الظروف المسهلة للنمو والوعي الذاتي.
التقبل الإيجابي غير المشروط Unconditional positive regard
بمعنى أن يقدم المرشد الدفء والتقبل الايجابي للمسترشد باعتباره فرد له قيمته، وهذا يجعل المسترشد يؤمن بأنه شخص يستحق الاحترام وبالتالي هذا الإحساس يجعله قادرا على النمو ويشجعه على تقبل ذاته. ونشير فقط إلى أن التقبل غير المشروط لا يعني الموافقة على سلوك الفرد، وإنما يعني تقديم الاحترام لذاته كشخص فريد له كرامة، فإذا أدرك المسترشد التقبل الايجابي غير المشروط من المعالج فإنه سوف يزيد من احترامه لذاته وتقبله .لها.
التعاطف Empathy
ويعني قدرة المرشد على فهم المسترشد من خلال عالمه وكأنه عالمه الخاص وأن يرى بعينيه ويسمع بأذنيه، دون أن يؤثر على معتقدات العميل.
ويعبر عن التعاطف من خلال رسائل لفظية وغير لفظية، وتكمن الرسائل اللفظية في تكرار وإعادة صياغة العناصر المحورية للمشكلة التي عبر عنها العميل وأن يكون المعالج قادرا على فهم وضعية العميل ليس في إطاره المرجعي الخاص، ولكن في الإطار المرجعي له.
ويعرف التعاطف بالآلية النفسية التي يمكن للفرد أن يفهم من خلالها مشاعر شخص آخر ، وعواطفه، دون أن يحس بها هو، ومن الأمثلة على جمل تمثل التعاطف:
إنك تشعر بعدم تمكنك من القيام بكذا؟
فالجمل المتعاطفة الصادرة من المعالج تكون متمركزة حول العميل وعلى طريقة عيشه للأحداث على المستوى الوجداني، فهذه الطريقة تهدف إلى السماح للمعالج بفهم أفضل للنتائج المترتبة عن تجاربه المعاشة وعن مخاوفه، كما تعمل هذه التقنية على تسريع عملية التعبير عن مشاعر العميل.
ویری روجرز أن التعاطف يتم بـ:
- الدخول إلى العالم المفاهيمي للشخص الآخر.
- الحساسية الشفافة لمعاني العميل ومعتقداته المتغيرة مثل التغير من الرقة إلى حالة العنف. والتعاطف يميز بالتقبل وعدم إصدار الأحكام.
- العيش مؤقتا في حياة الآخرين مع عدم إصدار حكم تقديمي.
- النظر إلى الخبرة من وجهة نظر الفرد نفسه.
- إدراك الظروف العلاجية من قبل المسترشد.
إدراك المسترشد للتقبل غير المشروط والتعاطف
يرى روجرز أنه ليس المهم التعاطف والتقبل غير المشروط للعميل، وإنما المهم إدراك العميل لهذه الخصائص من وجهة نظره الظاهراتية، وقد يصل هذا الإدراك عن طريق الجانب اللفظي وغير اللفظي.
فإذا اجتمع التقبل والتعاطف والأصالة بالإضافة إلى إدراك العميل لهذه الظروف فإن تغيرا شخصيا سيحدث على الفرد.
و هناك ثلاثة شروط لنجاح العلاقة المهنية يجب توافرها وهي:
التعاطف: و يعني إدراك الأخصائي النفسي أو المعالج لمشاعر العميل وتقدير كل ما مر به العميل من خبرات أي قدرة الممارس على أن يبدي للعميل أنه يشعر بما يعانيه ويتفهم ما يحس به العميل من الألم والتعاطف هنا قد يكون لفظيا من خلال الكلمات والعبارات التي يسمعها للعميل وقد يكون غير لفظيا من خلال استخدام حركة الجسم وتعبيرات الوجه.
الاحترام الايجابي غير المشروط: و يعني عدم محاولة قيام الأخصائي الاجتماعي بالتوصل لاستنتاجات ثم الضغط على العميل بتقبلها. بل يجب إعطاء العميل الفرصة الكاملة للتعبير عما يشعر به ويفكر فيه.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الاحترام الايجابي غير المشروط لا يعني أن موافقة وتقبل الأخصائي النفسي أو المعالج لأنماط السلوك المضادة للمجتمع والانحرافية.
التطابق أو الموائمة : و يشير هنا إلى المطابقة بين نظرة العميل لذاته كما هي في الواقع وبين ذاته التي يتطلع إلى الوصول إليها. وكلما كان هناك نوعا من التطابق بين الذات الواقعية والذات المثالية كلما حقق العلاج المتمركز حول العميل الاهداف التي يسعى اليها.(2)
6. اهداف العلاج المتمركز حول العميل
يهدف هذا النوع من العلاج الى ما يلي :
- مساعدة العملاء لكي يصبحوا أشخاصا يتصفون بالأداء الكامل ، و هذا عوض الإقتصار على مساعدتهم على حل مشاكلهم فقط .
- قبل تحقيق الهدف الأول لابد أن يتمكنوا هؤلاء الأشخاص من الكشف عن ذواتهم الحقيقية بحيث لا يقتنعون بالإنصياع الالي لتوقعات الاخرين ، و يظهر عندما يرتفع تحقيقه لذاته.
لذا فقد وصف Rogers الشخص الذي يحقق ذاته و هو الشخص الذي تتوفر فيه اربع صفات و هي :
الإنفتاح على الخبرات
و هو تصور الواقع كما هو دون تشويه ، و الإستجابة للموقف الجديد كما هو ، وليس كما يريده المرئ .
و من خلال هذا الإنفتاح يتم التوصل الى معلومات متوفرة حول الموقف ، أي الادراك المباشر لكل من النتائج المرضية و غير المرضية يمكن الفرد من تصحيح اختياراته الخطأ ، وبذلك يتولد الإحساس بالثقة و الضبط الذاتي .
الثقة فى كيانه العضوي:
هناك جانب مرتبط بالثقة الذاتية ، و بإعتباره مركز تقييم داخلي ، يتضمن النظر الى الذات عند القيام باتخاذ بعض الخيارات أو القرارات او الأحكام التقييمية ، مما يترتب عليه انخفاض معدل الإستعانة بالاخرين حول أسلوب حياة الفرد و المواقف التي يمر بها . و عندئذ يدرك الفرد أنه هو الذي يختار و يحدد قيمة الخبرة المحتج اليها ، و هذا ما يين ضرورة توفر الصفة الثالثة توفر مركز تقييم داخلي
الإستعداد للتحول الى عملية ” ممارسة العقل و الفكر ”
أثناء عملية تحول الفرد الى كائن يحقق ذاته فإنه يتبين الفرق بين العملية و النتيجة حيث أن معظم الأفراد اللذين يسعون للعلاج يرغبون في التوصل الى بعض الحالات الثابتة أي يتم تقديم الحلول للمشكلة ، فيصبح الفرد أكثر رضا عن حياته ، غير أنه سرعان ما يدرك العملاء أن النمو عملية مستمرة .(1)
7. مميزات المعالج النفسي عند كارل روجرز
اورد Rogers في كتابه الإستشارة والعلاج النفسي أن الذي يعمل في ميدان الإرشاد النفسي و العلاج ينبغي أن يتميز بالسمات التالية :
- أن يكون حساسا للعلاقات الاجتماعية .
- أن: يتميز باتجاه موضوعي و اتجاه انفعالي غير متحيز.
- أن يكون لديه احترام للفرد و رغبة في تقبله على ما هو عليه و أن يترك له الحرية لأن يجرب ما يراه من حلول.
- أن يعرف نفسه و أن يدرك نواحي قصوره الانفعالية و عجزه .
- أن يفهم السلوك الإنساني .
و هو يؤكد على أن توفر هذه الخصائص في المعالج تعتبر أساسية خاصة توفر ثلاث منها و هي:
- الصدق الموضوعي الخال من الإصطناع .
- فهم المريض و التعاطف معه بدقة.
- احترام المريض .
فهو يعتبر أن توفر هذه الخصائص يؤدي الى نجاح العملية العلاجية ، كما انها ترتبط بأخلاقيات المهنة الواجب توافرها فعلا لدى الذين يقومون بالتدخل العلاجي مما يؤدي بهم للوصول الى نجاحات جوهرية.(1)
8. فنيات العلاج المتمركز حول العميل
قد صاغ Rogers مجوعة من الفنيات تستخدم كأساليب لتحقيق الشروط المسهلة للعملية العلاجية ، و تهدف الى التأكد من تحقيق هذه الشروط ، و هي فنيات تتجه في الجانب تتجه في الجانب الأكبر منها نحو مشاعر العميل و تتضمن مايلي :
تقنية تقبل المشاعر Feelings Acceptance Technique
و هي فنية تتلخص في ضرورة ان يتقبل المعالج المشاعر الايجابية التي يعبر عنها العميل بالكيفية نفسها التي يتقبل بها المشاعر السلبية ، بشرط الا تتم مقابلة المشاعر الايجابية بالاستحسان او المدح ، بل يتم تقبل المشاعر الايجابية كجانب من الشخصية لا يقل و لا يزيد قدرا عن المشاعر السلبية .
و تتضح هذه الفنية العلاجية في ان هذا التقبل الذي يحدث بالنسبة لكل من الاتجاهات العدوانية و الاتجاهات الاجتماعية ، و لكل من مشاعر الاثم والتعبيرات الإيجابية عن المشاعر هو الذي يعطي الفرد الفرصة لأول مرة في حياته لان يفهم ذاته على نحو ما هو كائن . ففي ظل هذا التقبل الكامل لا تكون هناك حاجة لدى الفرد لان يخفي مشاعره السلبية خلف دفاعاته ، فضلا عن انه لا يجد اية فرصة لان يتجاهل او يفرط في تقييم مشاعره الايجابية .
و في ظل هذا التقبل الكامل للمشاعر يصل العميل الى مرحلة الاستبصار و فهم الذات ، و يمثل هذا الاستبصار جانبا مهما في العملية العلاجية الكلية.
تقنية عكس المشاعر Feeling Reflection Technique
تمثل هذه التقنية أهمية كبرى في هذا العلاج، وهي تعني تكرار المقاطع الاخيرة التي يقولها العميل ، او اعادة محتوى ما يقوله أو جزء منه ويكون ذلك بنبرة صوت تبين للعميل ان المعالج يفهمه ، و لكن لابد ان لا يكون بإستحسان أو استنفار ، أي اعادة صياغة مشاعر العميل في كلمات تعكس جوهرها ، حيث يحاول المعالج أن يعرض للعميل مراة لفظية ” Verbal Miror ” تمكن العميل من رؤية ذاته بدرجة أكثر وضوحا .
و تعتبر هذه التقنية احدى الوسائل التي تحقق الشرط المستقل الا و هو ” الفهم المتعاطف Empathic understanding ” اذ تساعد العميل على فهم ذاته و خبراته الحقة و هذا يؤكد للعميل أن المعالج على درجة عالية من الفهم لكل ما يقوله .
تقنية توضيح المشاعر Felling Clarification Technique
هي اعادة إقرار جوهر ما يريد العميل قوله ، و تظهر هذه التقنية اكثر عندما لا يستطيع العميل التعبير أو الإفصاح عن مشاعره بشكل واضح، فهنا يكون تدخل المعالج بمساعدة العميل على توضيح ذلك و لكن بشرط ان لا يتجاوز ما كان من المفروض ان يقال من طرف العميل بالضبط. بالإضافة الى عدم اعطاء تأويلات او انتقادات او نصائح ، وإنما فقط يقتصر عمله على مساعدته على تقبل تلك المشاعر التي يكون قادرا على التعبير عنها . و هنا يمكن القول ان عملية التنفيس عن تلك المشاعر يكون أكثر عمقا مما يجعل العميل يعبر عنها لفظيا و يكون الإستبصار بشكل تلقائي
تقنية اللاتوجيهية Nondirectivens Technique
اللاتوجيهية عند Rogers تعني عدم التوجيه أو النصح أو التأويل او الإرشاد المباشر من جانب المعالج للعميل ، و إنما السماح للنزعة التحققية لدى الشخص بأن تنبثق ، فلمعالج هنا لا يفعل أي شيء لتوجيه المعطيات التي يتم التعبير عنها ، أي انه لا يطرح أي تساؤلات من شأنها توجيه المقابلة ، ولا يطلق أي تقييمات من شأنها أن تحث على الدفاع أو إعاقة التعبير . لذا يكون دور المعالج هنا مقتصرا فقط على استجابات العميل و عكسها و توضيحها ، و تظهر اهمية هذه التقنية في العملية
العلاجية من خلال المقابلة غير التوجيهية ، حيث أنها طريقة غير متحيزة ابن لا يتدخل المعالج في اختيارات العميل و تفكيره ، او كيفية النظر للأحداث ، اذ ينصت المعالج للعميل بإهتمام بالغ لما يقوله و يعرف اين وكيف و متى يتدخل ؟ .(1)
9. العملية العلاجية المتمركزة حول العميل
يلخص Rogers ” 1961 ” جوهر العلاج المتمركز حول العميل في مقولة ” اذا امكنني تقديم نوع من العلاقة، فإن الشخص الآخر سوف يكتشف داخل ذاته القدرة على استخدام هذه العلاقة في النمو و التغيير مما يؤدي الى حدوث النمو الشخصي و حقيقة العلاقة وفق هذا العلاج تكمن في علاقة ” إذا كان ………..فإن ” فإذا كان المعالج قد وفر الشروط الضرورية لصيرورة العلاج . اذن الممكن جدا أن يشكل التغيير محورا أساسيا أثناء العلاج.
يعتقد Rogers أن التعلم الفعال يتم عندما لا تكون هناك مقاومة من طرف المتعلم و عندما يكون المتعلم مقتنعا بعمله خاصة اذا شعر ان الاخرين راضين عن عمله و عن ذاته ، و يحصل الشخص على هذه النظرة الايجابية غير الشرطية من طرف الاخرين لا يكون هناك مجال للإضطرابات و يكون الشخص قادرا على النمو والتطور و يثبت سلوكه هذا التطور
و قد وضع Rogers مجموعة من الشروط اعتبرها اساسية يتعين توافرها لإحداث تغيير جوهري في الشخصية من وجهة نظره هي :
- يجب ان يكون العميل على اتصال نفسي بالمعالج النفسي.
- لابد ان يكون العميل في حالة من عدم الاتساق و ان يتم تعريضه لمواقف تظهر ضعفه و قلقه حتى يتمكن من احراز نجاح فعلي في عملية العلاج النفسي.
- يجب ان يكون المعالج النفسي شخصا متكاملا بصورة سليمة ، قادرا على الاندماج في علاقة جيدة قريبة مع العميل ليتمن من أسباب إضطرابه.
- يصر كارل روجرز Rogers على أن العلاج النفسي الفعال الذي يقوم به المعالج نفسه البارع يجب أن يتضمن اهتماما غير محدود بالعميل.
- لا بد من أن يكشف المعالج النفسي بشكل دقيق و بدون أي تاثير عاطفي عن وعي العميل و أدراكه الخبراته و تجاربه.
- يجب على العميل أن يكون قادرا على استيعاب و لو بدرجة محدودة التقبل و المشاركة الوجدانية من قبل المعالج النفسي.
و عليه تعد العلاقة بين المعالج و العميل هي محور العلاج المتمركز حول العميل ، و تمثل هذه العلاقة أكثر من مجرد وسيلة يمكن من خلالها تحقيق التغير ، وهذا يوضح استخدام مصطلح “العلاج القائم على العلاقات ” Relationship Therapy مدى إدراك أعمية العلاقة و ليس الاساليب أو الفنيات و احسن أسلوب لإحداث التغير في السلوك ، هو أن يحدث التغيير في مفهوم الذات ، و لكن يتم هذا لابد من تهيئة مناخ علاجي امن خالي من التهديد الذي يهدد ذات العميل : مناخ يكون كله حرية و تقبل وثقة متبادلة و اطمئنان على سرية المعلومات، و هذا يتيح فرصة الإفصاح عن الإنفعالات و التعبير عن المتاعب و دراسة الذات و مفهوم الذات و فحص الدوافع و فهم الإتجاهات دون تدخل مباشر من أحد .(1)
10. مراحل تحول العميل
ينبه Rogers الى أن عملية تحول العميل الى انسان محقق لذاته تتضمن ثلاث مراحل رئيسية و هي :
مرحلة العلاج غير الموجه
في هذه المرحلة يتقبل المعالج العميل في ظل مناخ متسامح و بعيدا عن أي تدخل ، و تتمثل التقنية الرئيسية التي يستخدمها المعالج في مساعدة العميل على توضيح خبراته الشخصية بهدف الوصول الى الإستبصار بذاته و بحياته .
مرحلة التأمل
تتركز هذه المرحلة على تأمل مشاعر العميل ، و تجنب المواقف المددة لشخصيته من خلال علاقة العميل بالمعالج ، فتساعد هذه المرحلة على تطابق و انسجام مفاهيم الذات المثالية ومفاهيم الذات الواقعية .
زيادة المشاركة الشخصية
تتميز هذه المرحلة بزيادة مستوى المشاركة الشخصية للمعالج حيث يتخذ المعالج دورا أكثر فاعلية ، و ينمو العميل من خلال تعلمه كيفية إستخدامه الخبراته الراهنة و هو الأمر الذي جعل Rogers يكرر تصريحه قائلا : ” أن المعالج لا يمكن أن يحل مشاكل عميله بتعليمه بعض الأمور غير المحددة حيث يقول ” لا يمكن لأي تناول مهما كان أن يكون فعالا إذا إعتمد فقط على تقديم المعلومات و طلب قبولها دون مناقشة ، و إنما من الأفضل تقديم الشروح حول نمو شخصية الفرد ، ووصف المراحل التي يمر بها أي تطورها . و يعتمد المعالج في كل هذا على إقناع العميل بنمط حياة مرنة ”.
و يرى Rogers أن هذه المرحلة الثالثة الرئيسية التي تتضمنها العملية العلاجية، و التي يتغير خلالها الفرد و ينتقل من مرحلة الثبات الى المرحلة الإنسيابية ، ومن نقطة قريبة من طرف المتصلب في المجال الى نقطة أكثر قربا من الطرف المتحرك في المجال ، تتوالى أو تحدث في صورة سبع مراحل ثانوية على نحو متسلسل و متتابع على النحو التالي :
المرحلة الأولى
في هذه المرحلة، تتسم خيرات الفرد بالثبات و التباعد ، كما أنه من المحتمل أن يقبل العميل العلاج تلقاء ذاته.
المرحلة الثانية
عندما يتأكد العميل من أنه يلقى قبولا حسنا ، فإن ذلك يعني بداية المرحلة الثانية من ذاته، و فيها يصف الفرد مشاعره و لكن كموضوعات في الماضي لا تخصه ، بل وخارجه عنه و يكون لديه قدر من التمييز و الإدراك لوجود مشكلات ، ولكنه يدركها كمشلات خارج عن ذاته ، و من ثم فلا احساس لديه بالمسؤولية اتجاه تلك المشكلات.
المرحلة الثالثة
يتزايد وصف الفرد للمشاعر والمدلولات الشخصية التي لا تزال غير حاضرة في الوعي ، و لذلك فالصورة التى يصف بها الفرد تلك المشاعر هي صورة سيئة و شاذة.
و يكون لدى الفرد تدفق أكثر حرية للتعبير عن ذاته كموضوع ، كما أنه في تمييز و إدراك أن المشكلات تكون موجودة بداخله أكثر مما تكون خارج عنه.
المرحلة الرابعة
بعد أن يشعر العميل بأن المعالج يفهمه و يرحب به و يتقبله – كما كان في في البناء النفسي ، و التداعي الحر المرحلة الثالثة يلي ذلك حدوث قدرة معين من التفكك للمشاعر و الذي يعد من السمات المميزة للإنتقال داخل المجال.
و ينبه Rogers أن هذه المرحلة و المراحل التالية تشكل جانبا كبيرا من جوانب العلاج النفسي ، و هذه السلوكيات الشائعة للغاية في أي شكل من أشكال العلاج ، فالفرد لا يتصف بالكمال في أي مرحلة من مراحل العملية العلاجية ، اذ أن تعبيرات العميل و سلوكياته تظهر في المرحلة الثالثة ، و تتميز المرحلة الثانية بتكرار حالات التصلب ، ووجود قدر أكبر من التفكك في المرحلة الرابعة .
المرحلة الخامسة
اذا شعر العميل أن هناك تفهما لتعبيراته وسلوكه و خبرته في المرحلة الرابعة فإن ذلك يؤدي الى قلة تحفظه ويبدي مزيدا من التداعي الحر . فالعميل في المرحلة الخامسة يكون أكثر قربا من وجوده العضوي حيث أنه يكون في عملية مستمرة ، كما يلاحظ التداعي الحر لمشاعره ، و التحرر و الإنطلاق في بنائه الشخصي و إجراء التفاضل و التمييز لخبراته ، و لذلك فإن الاتصال الداخلي يبدأ في التداعي و الاسباب، و بالتالي أكثر دقة.
المرحلة السادسة
يخبر الفرد بشكل مباشر المشاعر التي كان يذكرها من قبل عن الوعي ، و يصبح التلقي الفوري – حيويا وواضحا ومثيرا لخبرة المشاعر التي كان الفرد يذكرها المرحلة السابعة : عند وصول العميل الى المرحلة السادسة فانه لا يرى بأن يلقي التقبل التام بالرغم من أن مثل هذا التقبل يبدو مفيدا.
كما ان العميل غالبا ما يستمر في الوصول الى المرحلة السابعة دون حاجته الى المعالج و مساعدته ، و غالبا ما تظهر هذه المرحلة خارج العلاقة العلاجية و ليس داخلها ، كما ان الفرد هنا غالبا ما يكتب تقريرا عن حالته ، و هو يفضل ذلك عن مجرد التعبير عن مشاعر و خبراته ، و ذلك في الجلسة العلاجية.(1)
11. استخدامات العلاج المتمركز حول العميل
أكد Rogers أن هذا النوع من العلاج يصلح لجميع الإضطرابات العصابية و الذهانية و اضطراب الشخصية كما يمكن ان يطبق كعلاج بنوعيه الفردي و الجماعي ، يمكن استخدامه ايضا مع الأطفال و في علاج العلاقات الزوجية المضطربة ، اضافة الى المشكلات الخاصة بالشباب.(1)
المرجع
(1) سهام بوخاري، المنحى الانساني دروس موجهة، جامعة الجزائر 02.
(2) 1 . كميلة سيدر. العلاج دو المنحى الانساني pdf. دروس اعمال الموجهة لقسم علم النفس العيادي. جامعة البويرة الجزائر .